الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ }

{ يِآ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } أي: ظهرت أماراته { حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } بدل من الظرف، لا ظرف (للموت) ولا لحضوره. فإن في الإبدال تنبيهاً على أن الوصية من المهمات التي لا ينبغي التهاون بها. وقوله تعالى: { ٱثْنَانِ } خبر { شَهَادَةُ } بتقدير مضاف. أي: شهادة بينكم حينئذ، شهادة اثنين. أو فاعل { شَهَادَةُ } على أن خبرها محذوف. أي: فيما نزل عليكم، أن يشهد بينكم اثنان { ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } أي: من المسلمين { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } أي: من أهل الذمة { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: سافرتم فيها { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا } أي: توقفونهما للتحليف { مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ } أي: صلاة العصر. كما قاله ابن عباس وثلَّة من التابعين. وعدم تعيينها، لتعيينها عندهم بالتحليف بعدها؛ لأنه وقت اجتماع الناس ووقت تصادم ملائكة الليل وملائكة النهار. واجتماعُ طائفتي الملائكة، فيه تكثير للشهود منهم على صدقه وكذبه. فيكون أقوى من غيره وأخوف. وعن الزهريّ: بعد أي صلاة المسلمين كانت. وذلك لأن الصلاة داعية إلى النطق بالصدق. وناهية عن الكذب والزور، كما قال الله تعالى:إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } [العنكبوت: 45]. فالتعريف في (الصَّلاةَ) إما للعهد أو للجنس. { فَيُقْسِمَانِ } أي: يحلفان { بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } أي: شككتم فيهما بخيانة وأخذ شيء من تركة الميت. وقوله تعالى: { لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً } جواب للقسم. أي: يقولان: لا نأخذ لأنفسنا بدلاً من الله. أي: من حرمته عَرَضاً من الدنيا بأن نهتكها ونزيلها بالحلف الكاذب. أي: لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال { وَلَوْ كَانَ } أي: من نقسم له ونشهد عليه، المدلول عليه بفحوى الكلام { ذَا قُرْبَىٰ } أي: قريباً منا. تأكيد لتبرئهم من الحلف كاذباً. ومبالغة في التنزه عنه. كأنهما قالا: لا نأخذ لأنفسنا بدلاً من حرمة اسمه تعالى مالاً. ولو انضم إليه رعاية جانب الأقرباء. فكيف إذا لم يكن كذلك؟ { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ } أي: الشهادة التي أمرنا الله تعالى بإقامتها. وإضافتُها إلى الاسم الكريم تشريفاً لها وتعظيماً لأمرها { إِنَّآ إِذَاً } إن كتمناها { لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } أي: المعدودين من المستقرين في الإثم.