الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ }

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ } أي: تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار. { فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ } أي: مبيّنة لا تقبل نسخاً ولا تأويلاً، { وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ } أي: الأمر بقتال المشركين { رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } أي: شك في الدين وضعف في اليقين { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } أي: من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء. شبه نظرهم بنظر المحتضر الذي لا يطرف بصره.

{ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ } قال الشهاب: اختلف فيه، بعد الاتفاق على أن المراد به التهديد والوعيد، على أقوال: فذهب الأصمعيّ إلى أنه فعل ماض بمعنى قارب. وقيل: قرّب بالتشديد، ففاعله ضمير يرجع لما علم منه، أي: قارب هلاكهم. والأكثر أنه اسم تفضيل من الولي، بمعنى القرب. وقال أبو عليّ: إنه اسم تفضيل من الويل. والأصل (أويل) فقلب، فوزنه أفلع. وردّ بأن الويل غير متصرف، وأن القلب خلاف الأصل، وفيه نظر. وقد قيل: إنه فَعلى، من آل يؤول. وقال الرضي: إنه علم للوعيد، وهو مبتدأ، و { لَهُمْ } خبره. وقد سمع فيه (أولاة) بتاء تأنيث. وهو كما قيل، يدل على أنه ليس بأفعل تفضيل، ولا أفعل فعلى، وأنه علم وليس بفعل، بل مثل أرمل وأرملة، إذا سمي بهما، فلذا لم ينصرف. ولا اسم فعل؛ لأنه سمع فيه (أولاةٌ) معرباً مرفوعاً، ولو كان اسم فعل بني. وفيه أنه لا مانع من كون (أولاة) لفظاً آخر بمعناه، فلا يرد شيء منه عليهم أصلاً، كما جاء (أوّل) أفعل تفضيل، واسم ظرف كـ (قبل) وسمع فيه (أوّلة) - كما نقله أبو حيان - فلا يرد النقض به كما لا يخفى. انتهى.

قال السمين: إذا قلنا باسميته. ففيه أوجه:

أحدهما: أنه مبتدأ، و(لهم) خبره، تقديره: فالهلاك لهم.

والثاني: أنه خبر مبتدأ مضمر، تقديره: العقاب أو الهلاك أولى لهم، أي: أقرب وأدنى، ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء. أي: أولى وأحق بهم.

الثالث: أنه مبتدأ، و { لَهُمْ } متعلق به، واللام بمعنى الباء، و { طَاعَةٌ } خبره، والتقدير: فأولى بهم طاعة دون غيرها، وقوله تعالى:

{ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ... }.