الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } كلام مستأنف، وارد التحقيق أن مضمون السورة موافق لما في تضاعيف سائر الكتب المنزلة على الرسل المتقدمة في الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق. أو أن إيحاءها مثل إيحائها، بعد تنويهها بذكر اسمها والتنبيه على فخامة شأنها. والكاف في حيز النصب على أنه مفعول لـ { يُوحِيۤ } على الأول - وعلى أنه نعت لمصدر مؤكد له، على الثاني. و(ذَلِكَ) على الأول إشارة إلى ما فيها، وعلى الثاني إلى إيحائها، وما فيه من معنى البعد، للإيذان بعلوّ رتبة المشار إليه وبعد منزلته في الفضل؛ أي: مثل ما في هذه السورة من المعاني، أوحي إليك في سائر السور، وإلى من قبلك من الرسل في كتبهم. على أن مناط المماثلة ما أشير إليه من الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق وما فيه صلاح العباد في المعاش والمعاد. أو مثل إيحائها، أوحى إليك عند إيحاء سائر السور. وإلى سائر الرسل عند إيحاء كتبهم إليهم، لا إيحاءً مغايراً له. كما في قوله تعالى:إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ } [النساء: 163] الآية. على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك. وصيغة المضارع على حكاية الحال الماضية, للإيذان باستمرار الوحي، وأن إيحاء مثله عادته. وفي جعل مضمون السورة أو إيحاءها مشبهاً به، من تفخيمها ما لا يخفى. وكذا في وصفه تعالى بوصفي العزة والحكمة. وتأخير الفاعل لمراعاة الفواصل، مع ما فيه من التشويق. وقرئ: { يُوحِيۤ } على البناء للمفعول، على أن: { كَذَلِكَ } مبتدأ و { يُوحِيۤ } خبره المسند إلى ضميره، أو مصدره و { يُوحِيۤ } مسند إلى { إِلَيْكَ }. و: { ٱللَّهُ } مرتفع بما دل عليه { يُوحِيۤ } كأنه قيل: من يوحي؟ فقيل: الله. { ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } صفتان له، أو مبتدأ، كما في قراءة (نُوْحِي)، والعزيز وما بعده خبران له، أو العزيز الحكيم صفتان له.