الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَئِنْ أَصَٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً }

{ وَلَئِنْ أَصَٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله } كفتحٍٍ، وغنيمةٍٍ، ونصرٍٍ، وظفرٍٍ، ونسبة إصابة الفضل إلى جنابه تعالى، دون إصابة المصيبة، من العادات الشريفة التنزيلية، كما في قوله تعالى:وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء: 80]. { لَيَقُولَنَّ } ندامَةً على تثبيطه وقعوده، وتهالكاً على حطام الدنيا، وتحسُّراً على فواته { كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } أي: صلة في الدين، ومعرفة بالصحبة { يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } فأصيب غنائم كثيرة، وحظاً وافراً.

وقوله تعالى: { كَأَن لَّمْ } إلخ، اعتراض بين الفعل وهو: { لَيَقُولَنَّ } ومفعوله وهو: { يٰلَيتَنِي } الخ للتنبيه على ضعف عقيدتهم، وأن قولهم هذا قول من لم تتقدم له معكم موادّة، لأن المنافقين كانوا يوادّون المؤمنين ويصادقونهم في الظاهر، وإن كانوا يبغون لهم الغوائل في الباطن، وفيه تعجيب أيضاً من قولهم المذكور. قال بعض المفسرين: ثمرة ذلك تأكيد وجوب الجهاد وتحريم التثبيط عنه. انتهى.

ولما ذم تعالى المبطئين عن الجهاد، رغّب المؤمنين فيه بقوله سبحانه:

{ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا... }.