الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ }

{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ } أي: أن لا تعدلوا { فِي ٱلْيَتَامَىٰ } أي: يتامى النساء. قال الزمخشريّ: ويقال للإناث اليتامى كما يقال للذكور، وهو جمع يتيمة، على القلب، كما قيل أيامى والأصل أيائم ويتائم { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } أي: من طبن لنفوسكم من جهة الجمال والحسن أو العقل أو الصلاح منهن { مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } ومعنى الآية: وإن خفتم يا أولياء اليتامى ألا تعدلوا فيهن إذا نكحتموهن، بإساءة العشرة أو بنقص الصداق، فانكحوا غيرهن من الغريبات فإنهن كثير ولم يضيق الله عليكم. فالآية للتحذير من التورط في الجور عليهن والأمر بالاحتياط، وإنّ في غيرهن متسعاً إلى الأربع. وروى البخاري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عَذْق (أي نخلة) وكان يمسكها عليه ولم يكن لها من نفسه شيء، فنزلت فيه: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ } أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله، ورواه مسلم وأبو داود والنسائيّ. وفي رواية لهم عن عائشة هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سُنّتِهِن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة: قالت عائشة: وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله:وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ } [النساء: 127]. قالت عائشة: وقول الله تعالى في آية أخرى:وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } [النساء: 127]، رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال. قالت: فنهوا أن ينكحوا عن من رغبوا في ماله وجماله في يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن، إذا كن قليلات المال والجمال.

وفي رواية في قوله تعالى:وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ... } إلى آخر الآية [النساء: 127] إلى آخر الآية. قالت عائشة رضي الله عنها: هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب عنها أن يتزوجها ويكره أن يزوجها غيره فيدخل عليه في ماله فيحبسها، فنهاهم الله عن ذلك، زاد أبو داود رحمه الله تعالى: وقال ربيعة في قوله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ } قال يقول: اتركوهن إن خفتم فقد أحللت لكم أربعاً.

{ وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } [النساء: 4].

لطائف

الأولى: (ما) في قوله تعالى: { مَا طَابَ لَكُمْ } ، موصولة، وجاء بـ (ما) مكان (من) لأنهما قد يتعاقبان، فيقع كل واحد منهما مكان الآخر، كما في قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد