الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

{ وَٱللَّذَانِ }: بتخفيف النون وتشديدها { يَأْتِيَانِهَا } أي: الفاحشة { مِنكُمْ } أي: الرجال { فَآذُوهُمَا } بالسب والتعيير، ليندما على ما فعلا { فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا } أي: أعمالهما { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ } بقطع الأذية والتوبيخ، وبالإغماض والستر، فإن التوبة والصلاح مما يمنع استحقاق الذم والعقاب { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً } أي: على من تاب { رَّحِيماً } واسع الرحمة، وهو تعليل للأمر بالإعراض.

تنبيه

هذا الحكم المذكور في الآيتين منسوخ، بعضه بالكتاب وبعضه بالسنة. قال الإمام الشافعي في الرسالة في (أبواب الناسخ والمنسوخ) بعد ذكره هاتين الآيتين [376]: ثم نسخ الله الحبس والأذى في كتابه فقال:ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } [النور: 2].

[377] فدلت السنة على أن جلد المائة للزانيين البكرين (لحديث عبادة بن الصامت المتقدم). ثم قال: [380] فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرّين، ومنسوخ عن الثيبين، وأن الرجم ثابت عن الثيبين الحرين، ثم قال: [381] لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم - أَوَّلُ ما نزل، فنُسِخَ به الحبسُ والأذى عن الزانيين ". [382] فلما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً ولم يجلده، وأمر أُنيساً أن يغدو على امرأة الأسلميّ، فإن اعترفت رجمها - دل على نسخ الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين، وثبت الرجم عليهما، لأن كل شيء [أبداً] بعد أول فهو آخر. انتهى.