الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً }

{ وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } أي: ما أحد من أهل الكتاب يدرك نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، إلا ليؤمنن به قبل موته، أي: موت عيسى عليه السلام، أي: لا يموت حتى ينزل في آخر الزمان يؤيد الله به دين الإسلام، حتى يدخل فيه جميع أهل الملل، إشارة إلى أن موسى عليه السلام، إن كان قد أيده الله تعالى بأنبياء كانوا يجددون دينه زماناً طويلاً، فالنبيّ الذي ينسخ شريعة موسى، وهو عيسى عليهما السلام، هو الذي يؤيد الله به هذا النبيّ العربيّ، في تجديد شريعته، وتمهيد أمره، والذود عن دينه، ويكون من أمته بعد أن كان صاحب شريعة مستقلة، وأتباع مستكثرة، أمر قضاه الله تعالى في الأزل، فاقصروا أيها اليهود، فمعنى الآية إذن، والله أعلم: إنه ما من أحد من أهل الكتاب المختلفين في عيسى عليه السلام على شك، إلا وهو يوقن بعيسى عليه السلام قبل موته، بعد نزوله من السماء، أنه ما قتل وما صلب، ويؤمن به عند زوال الشبهة، أفاده المهايميّ.

روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده! ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا له من الدنيا وما فيها " ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم: { وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً }. وأخرجه مسلم أيضاً وابن مردويه وزاد بعد قوله (قبل موته): موت عيسى ابن مريم، ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات.

ورواه الإمام أحمد عن حنظلة عن أبي هريرة أيضاً مرفوعاً ولفظه: " ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصليب وتجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما ".

قال: وتلا أبو هريرة: { وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ... } الاية. فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال: يؤمن به قبل موت عيسى، فلا أدري هذا كله حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو شيء قاله أبو هريرة.

ورواه حامد أيضاً عن عبد الرحمن عن أبي هريرة وفيه: " ويهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام، ويمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون " وفي حديث النَّوَّاس بن سمعان عند مسلم: " فينزل عند المنارة شرقيّ دمشق ".

وقد ذكر الحافظ ابن كثير، هنا الأحاديث المتواترة في نزوله عليه السلام، من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص وأبي أمامة والنوّاس بن سمعان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومُجَمَّع بن جارية وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه من أنه بالشام بل بدمشق عند المنارة الشرقية، وأن ذلك يكون عند إقامة صلاة الصبح.

السابقالتالي
2 3