الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }

{ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ } قرئ بسكون الراء وفتحها { ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } أي: الطبق الذي في قعر جهنم، والدرك كالدرج، إلا أنه يقال باعتبار الهبوط، والدرج باعتبار الصعود، وإنما عوقبوا بذلك لأنهم أخبث الكفرة، إذ ضموا إلى الكفر استهزاءً بالإسلام وخداعاً للمسلمين.

قال الرازيّ: وبسبب أنهم لمَّا كانوا يظهرون الإسلام، يمكنهم الاطلاع على أسرار المسلمين ثم يخبرون الكفار بذلك، فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين، فلهذه الأسباب عوقبوا بذلك. ونقل عن ابن الأنباريّ أنه قال: إنه تعالى أخبر عن آل فرعون بقوله:أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 46]، وعن المنافقين بما في هذه الآية، فأيهما أشد عذاباً؟ فأجاب: بأنه يحتمل أن أشد العذاب إنما يكون في الدرك الأسفل، وقد اجتمع فيه الفريقان، والله أعلم. روى الترمذيّ عن الحسن قال: قال عتبة بن غزوان على منبر البصرة، إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوى فيها سبعين عاماً، وما تفضي إلى قرارها " وكان عمر رضي الله عنه يقول: أكثروا ذكر النار، فإن حرها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامعها حديد. وروى الترمذيّ عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويل: واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره " { وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }: أي: ينقذهم مما هم فيه ويخرجهم من أليم العذاب.