الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } هذا نهي عن موالاة الكفرة، يعني: مصاحبتهم، ومصادقتهم، ومناصحتهم، وإسرار العودة إليهم، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم، كما قال تعالى:لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } [آل عمران: 28] أي: يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه، ولهذا قال ههنا: { أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } أي: حجة عليكم في عقابكم بموالاتكم إياهم، وقد دلت الآية على تحريم موالاة المؤمنين للكافرين. قال الحاكم: وهي الموالاة في الدين والنصرة فيه، لا المخالفة والإحسان. قال الزمخشريّ: وعن صعصعة بن صوحان أنه قال لابن أخ له: خالص المؤمن وخالق الكافر والفاجر، فإن الفاجر يرضى منك بالخلق الحسن، وأنه يحق عليك أن تخالص المؤمن. قال أبو السعود: وتوجيه الإنكار إلى الإرادة دون متعلقها بأن يقال: أتجعلون... إلخ، للمبالغة في إنكار ذلك، وتهويل أمره ببيان أنه مما لا يصدر على العاقل إرادته، فضلاً عن صدور نفسه، كما في قوله عز وجل:أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } [البقرة: 108].

لطيفة

روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال: كل سلطان في القرآن حجة، وكذا قال غيره من أئمة التابعين. قال محمد بن يزيد: هو من (السليط)، وهو دهن الزيت لإضاءته أي: فإن الحجة من شأنها أن تكون نيّرة، وفي (البصائر) إنما سمي الحجة سلطاناً لما يلحق من الهجوم على القلوب، لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة.