الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }

{ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } صفة ثانية لـ { شَيْطَٰناً } أي: أبعده الله عن رحمته، فأراد إبعاد مَنْ أبعد بسببه { وَقَالَ } حين أُبْعد: { لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ } أي: الذين أبعدتني بسببهم أي: لأجعلن لي منهم: { نَصِيباً } أي: حظاً { مَّفْرُوضاً } أي: مقطوعاً ومقدراً من عبادتهم بأن يعبدوا غيرك، أو يراؤوا فيها، أو يعجبوا بها، أو يتلفوها في المظالم، أو يحبطوها بالكفر بعدها.

قال العلامة أبو السعود، قوله تعالى: { وَقَالَ } إلخ عطف على الجملة المتقدمة أي: شيطاناً مريداً جامعاً بين لعنة الله، وهذا القول الشنيع الصادر عنه عند اللعن، ولقد برهن على أن عبادة الأصنام غاية الضلال بطريق التعليل بأن ما يعبدونها ينفعل ولا يفعل فعلاً اختيارياً، وذلك ينافي الألوهية غاية المنافاة، ثم استدل عليه بأن ذلك عبادة للشيطان وهو أفظع الضلال من وجوه ثلاثة: الأول: أنه منهمك في الغيّ لا يكاد يعلق بشيء من الخير والهدى فتكون طاعته ضلالاً بعيداً عن الحق. والثاني: أنه ملعون لضلاله، فلا تستتبع مطاوعته سوى اللعن والضلال. والثالث: أنه في غاية السعي في إهلاكهم وإضلالهم، فموالاة من هذا شأنه غاية الضلال، فضلاً عن عبادته.