الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }

{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } بإعلامك ما هم عليه بالوحي وتنبيهك على الحق { لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ } برمي البريء والمجادلة عن الخائنين، يعني: أسير بن عروة وأصحابه، يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء، ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ } لأن وباله عليهم { وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ } لأنك إنما عملت بظاهر الحال وما كان يخطر ببالك أن الحقيقة على خلاف ذلك، ولما أنزل تعالى فصل القضية وجلاّها لرسول صلى الله عليه وسلم، امتنّ عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال بقوله: { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } أي: القرآن والسنة { وَعَلَّمَكَ } من أمور الدين والشرائع: { مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } أي: قبل نزول ذلك عليك، كقوله:وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ... } [الشورى: 52] الآية، وقال تعالى:وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } [القصص: 86]، ولهذا قال تعالى: { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } أي: فيما علمك وأنعم عليك.

قال الرازيّ: هذا من أعظم الدلائل على أن العلم أشرف الفضائل والمناقب.

ثم أشار تعالى إلى ما كانوا يتناجون فيه حين يبيّتون ما لا يرضى من القول، بقوله سبحانه:

{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ... }.