الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } أي: بإيصالنا إلى ما وعدنا، وأنبأنا عنه على ألسنة رسله { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ } أي: أرض الآخرة. شبه نيلهم بأعمالهم لها، بإرثهم من آبائهم؛ فكأن الأعمال آباؤهم، كما قيل:
وأبي الإسلامُ لا أَبَ لِي سِوَاهُ   
وكما يقال: (الصدق يورث النجاة) { نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ } أي: يتبوأ كل من جنته الواسعة، أيّ: مكان أراده { فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } أي: الذين عملوا بما علموا { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ } أي: الملائكة السماوية حافين في جنة الفردوس حول عرش الرحمن، محدقين به. وتقدم في تفسير آيةثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [الأعراف: 54] كلام في حملة العرش، فتذكره: { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي: بين الخلائق { بِٱلْحَقِّ } أي: بالعدل { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي: على ما قضى بينهم بالحق، وأنزل كلاً منزلته التي هي حقه. والقائل: إما الحق جل جلاله، أو الملائكة الحافون، أو المؤمنون ممن قضي بينهم، أو الكل، فله الحمد عز وجل.

عن قتادة قال: افتتح الله أول الخلق بـ { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ } فقال:ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ } [الأنعام: 1] وختم بالحمد فقال: { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.