الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

{ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ } أي: للذين أحسنوا بالطاعات في الدنيا، مثوبة حسنة في الآخرة، لا يكتنه كنهها { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } أي: بلاده كثيرة. فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان في وطنه، فليهاجر إلى حيث يتمكن منه. قال الشهاب: وجه إفادة هذا التركيب هذه المعاني الكثيرة، أوضحه شراح الكشاف بأن قوله: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } مستأنف لتعليل الأمر بالتقوى, ولذا قيد بالظرف؛ لأن الدنيا مزرعة الآخرة، فينبغي أن يلقى في حرثها بذر المثوبات. وعقّب بهذه الجملة لئلا يعتذر عن التفريط بعدم مساعدة المكان، ويتعلل بعدم مفارقة الأوطان، فكان حثا على اغتنام فرصة الأعمار، وترك ما يعوق من حب الديار، والهجرة فيما اتسع من الأقطار، كما قيل:
إذا كان أصلي من تراب فكلُّها   بلادي وكُلُّ العالمِين أَقَاربي
انتهى.

{ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ } أي: على مشاق الطاعة من احتمال البلاء، ومهاجرة الأوطان لها { أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي: بغير مكيال. تمثيل للكثرة.