الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار }

{ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً } قرئ بلفظ الإخبار على أنه صفة لـ (رجالاً). وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار منهم. وقوله تعالى: { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } أي: مالت عنهم كبراً، وتنحّت عنهم أَنَفَةً. والمعنى أيّ: الفعلين فعلنا بهم، السخرية منهم أم الإزراء بهم، على معنى إنكار الأمرين على أنفسهم، تحسراً وندامة على ما فعلوا، وعلى ما حاق بهم وحدهم من سوء العذاب، وقيل: (أم) بمعنى (بل) أي: بل زاغت عنهم أبصارنا لخفاء مكانهم علينا في النار. كأنهم يسلّون أنفسهم بالمحال، يقولون: أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم، فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله عز وجل:وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [الأعراف: 44] إلى قوله:ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } [الأعراف: 49] الآية وقيل: (أم) بمعنى (بل) أيضاً، أي: بل زاغت عنهم أبصارنا لكونها في دار أخرى وهي دار النعيم. وقرئ { سُخْرِيّاً } بضم السين وكسرها.