الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ }

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } أي: قبل قريش { قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ } وهم قوم هود { وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } أي: الملك الثابت، وأصله البيت المطنّب، أي: المربوطة أطنابه - أي: جباله - بأوتاده، استعير للملك استعارة تصريحية، وصف به فرعون مبالغة بجعله عين ملكه، أو شبه فرعون في ثبات ملكه بذي بيت ثابت أقيم عموده وثبتت أوتاده. على طريق الاستعارة المكنية، وأثبت له ما هو من خواصه تخييلا، وهو قوله: { ذُو ٱلأَوْتَادِ } فإنه لازم له، أو هو كناية، حيث أطلق اللازم وأريد الملزوم وهو الملك الثابت، وقد جاء هذا في قول الأسود من شعراء الجاهلية:
ولقد غَنُوا فيها بأنعمِ عيشةٍ   في ظل مُلْكٍ ثابتِ الأوتاد
أو المعنى: ذو الجموع الكثيرة، سمّوا بذلك لأن بعضهم يشد بعضاً، كالوتد يشد البناء. فالاستعارة تصريحية في الأوتاد، أو هو مجاز مرسل للزوم الأوتاد للجند، أو هو على حقيقته والمراد المباني العظيمة والهياكل الثابتة الفخيمة، واللفظ صادق في الكل.