{ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي: على نعمه، التي أجلّها إرسال الرسل لإظهار أسمائه الحسنى وشرائعه العليا، وإصلاح الأولى والأخرى. فوائد في خواتم هذه السورة الأولى: روى ابن جرير عن الوليد بن عبد الله قال: كانوا لا يصفّون في الصلاة حتى نزلت: { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } فصفوا. وقال أبو نضرة: كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه، ثم قال: أقيموا صفوفكم، استقيموا قياما، يريد الله بكم هدي الملائكة. ثم يقول: { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } تأخّر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير. وفي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً، وتربتها لنا طَهوراً ". الثانية: روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: " صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر. فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش، رجعوا وهم يقولون: محمد والله! محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر، خربت خيبر، إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " دَل تمثله صلى الله عليه وسلم بالآية على شمولها لعذاب الدنيا، أولا وبالذات. الثالثة: قال ابن كثير: لما كان التسبيح يتضمن التنزيه، والتبرئة من النقص، بدلالة المطابقة، ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال المطلق مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص - قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن، ولهذا قال تبارك وتعالى: { سُبْحَانَ رَبِّكَ } الآيات. الرابعة: روى ابن أبي حاتم عن الشعبيّ مرسلا: " من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليقل آخر مجلسه، حين يريد أن يقوم: { سُبْحَانَ رَبِّكَ } الآيات ". وروي أيضاً عن عليّ موقوفاً. وأخرج الطبرانيّ عن زيد بن أرقم مرفوعا: " من قال دبر كل صلاة: { سُبْحَانَ رَبِّكَ } الآيات، ثلاث مرات، فقد اكتال بالجريب الأوفى من الأجر ". وقد بيّن الرازي أن خاتمة هذه السورة الشريفة جامعة لكل المطالب العالية. فارجع إليه.