الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ }

{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي: حملنا أولادهم الذين يرسلونهم في تجارتهم. قال الشهاب: ولا يخفي مناسبته لقوله قبله:فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [يس: 40] وذكر { ٱلْمَشْحُونِ } أقوى في الامتنان بسلامتهم فيه، أو لأنه أبعد عن الخطر، وقيل المراد فلك نوح عليه السلام. فهو مفرد، وتعريفه للعهد، والمعنى حمل آبائهم الأقدمين الذين بهم حفظ بقاء النوع لما عمّ الطوفان، ونجوا مع نوح في السفينة، وإنما كان آية، لأن بقاء نسلهم ونجاتهم بسفينة واحدة، صنع عجيب ومقدور كبير. وآثر البعض الوجه الأول؛ لأن الثاني محتاج للتأويل. وأرى جدارة الثاني بالإيثار لقاعدة الحمل على الأشباه والنظائر، ما وجد له سبيل؛ لأنه أقرب وأسدّ، وقد جاء نظيره آية:إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة: 11-12] وإن ورد في نظير الأول آيةوَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } [الرحمن: 24]، وأشباهها، إلا أن لفظ الحمل اتحد في الآيتين، فقارب ما بينهما.