الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }

{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ } أي: الشرف والرفعة { فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } أي: فليطلبها من عنده، باتباع شريعته، وموالاة أنبيائه ورسله، والتأسي بهم في الصلاح والإصلاح، والصبر والثبات، واطّراح كل ملامة رغبة في الحق وعملا بالصدق. وهذا كآيةٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } [النساء: 139] وكآية:وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8].

{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } وهو الداعي إلى الحق والإصلاح، والمنبه على سبل الضلال والفساد { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } أي: يرفع الكلمُ العمل الصالحَ، على أن يكون المستكن للكلم. إشارة إلى أن العمل لا يقبل إلا بالكلم المؤثر في إبلاغ دعوة الخير. والضمير المستتر للعمل، والبارز للكلم؛ أي: يكون العمل الصالح موجباً لرفعها وقبولها لأنه يحققها ويصدقها، كما قال تعالى عن شعيب عليه السلام:وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ } [هود: 88].

{ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي: الأعمال السيئة المفسدة لصلاح الأمة وقيام عمرانها { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } أي: يضمحلّ؛ لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.