الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } أي: ينالون فيه الهوان والخزي. والمقصود من الآية الرسول صلّى الله عليه وسلم. وذكر الله تعالى إنما هو لتعظيمه، ببيان قربه، وكونه حبيبه، حتى كأنّ ما يؤذيه يؤذيه. كما أن من يطيعه يطيع الله. وقد روى الطبريّ عن ابن عباس؛ أنها نزلت في الذين طعنوا على النبيّ صلّى الله عليه وسلم، حين اتخذ صفية بنت حييّ. وهذا في الحقيقة من أفراد ما تشمله الآية. بل لو قيل: أنها عني بها مَنْ خاض في مسألة زينب، لكان أقرب، لتقارب الآيات في الباب الواحد، وتناسقها كسلسلة واحدة، في تلك المسألة التي كانت المقصود الأعظم من السورة بتمامها. كما لا يخفى على من تدبرها. وبالجملة، فاللفظ عامٌّ في كل ما يصاب به صلّى الله عليه وسلم من أنواع المكروه. فيدخل المقصود من التنزيل دخولاً أوليّاً. وعلى هذا، فالأذية على حقيقتها. وقيل المراد بأذية الله ورسوله، ارتكاب ما لا يرضيانه، مجازا مرسلا. لأنه سبب، أو لازم له. وإن كان بالنسبة إلى غيره، فإنه كان في العلاقة وذكر الله ورسوله على ظاهره. ومَنْ جَوّز إطلاق اللفظ الواحد على معنيين، كاستعمال اللفظ المشترك في معنييه، أو في حقيقته ومجازه، فسر الأذية بالمعنيين باعتبار المعمولين. فتكون بالنسبة إليه تعالى، ارتكاب ما يكره مجازا، وإلى الرسول على ظاهره. فإن تعدد المعمول بمنزلة تكرر لفظ العامل. فيجيء فيه الجمع بين المعنيين.