الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }

{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } قال الرازيّ: لما أمر الله المؤمنين بالاستئذان وعدم النظر إلى وجوه نسائه احتراماً، كمّل بيان حرمته. وذلك لأن حالته منحصرة في اثنتين: حالة خلوته وذكر ما يدل على احترامه في تلك الحالة بقوله:لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ } [الأحزاب: 53]، وحالة يكون في ملأ. والملأ إما الملأ الأعلى وإما الملأ الأدنى، أما في الملأ الأعلى فهو محترم. فإن الله وملائكته يصلون عليه. وأما في الملأ الأدنى فذلك واجب الاحترام بقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }. انتهى.

وقد روى البخاريّ عن أبي العالية قال: صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة. وصلاة الملائكة الدعاء. وقال ابن عباس: يصلون يُبَرِّكون. اهـ. أي: يدعون له بالبركة. فيوافق قول أبي العالية، لكنه أخص منه. وبالجملة، فالصلاة تكون بمعنى التمجيد والدعاء والرحمة، على حسب ما أضيفت إليه في التنزيل أو الأثر. وقد أطنب الإمام ابن القِّيم في (جلاء الأفهام) في مبحث معنى الصلاة، وأطال فأطاب. فلينظر.

وفي البخاريّ عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، أنه قيل: " يا رسول الله! أما السلام عليك فقد عرفناه. فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم! بارك على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".

وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائيّ وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في مستدركه، عن أبي مسعود البدريّ؛ " أنهم قالوا: يا رسول الله! أما السلام فقد عرفناه. فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟ فقال: " قولوا: اللهم صل على محمد, وعلى آل محمد " وذكره. ورواه الشافعيّ في مسنده عن أبي هريرة بمثله.

ومن ههنا ذهب الشافعيّ رحمه الله، إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في التشهد الأخير. فإن تركه لم تصح صلاته. ووافقه الإمام أحمد في رواية. وقال به إسحاق بن راهويه والإمام ابن المواز المالكيّ وغيرهم. كما بسطه ابن القيم في (جلاء الأفهام) وابن كثير في (التفسير) وقد تقصَّيَا، عليهما الرحمة، أيضاً الروايات في الأمر بالصلاة وكيفيتها. فأوسعا. فليرجع إليهما.

تنبيهات

الأول: تدل الآية على وجوب الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلم مطلقا. لأن الأصل في الأمر للوجوب. فذهب قوم إلى وجوبها في المجلس مرة. ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس. وآخرون إلى وجوبها في العمر مرة واحدة. ثم هي مستحبة في كل حال. وآخرون إلى وجوبها كلما ذكر. وبعضهم إلى أن محل الآية على الندب.

السابقالتالي
2 3 4