الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } أي: لا حرج ولا إثم عليهن، في أن لا يحتجبن من هؤلاء المسمَّيّن.

قال الطبريّ: وعُني: (إخوانهن وأبناء إخوانهن) إخوتهن. وأبناء إخوتهن. وخرج معهم جمع ذلك، مخرج جمع فتى إذا جمع (فتيان) فكذلك جمع أخ إذا جمع (إخوان) وأما إذا جمع إخوة فذلك نظير جمع فتى إذا جمع (فتية).

تنبيهات

الأول: قيل: إنما لم يذكر العم والخال، لأنهما بمنزلة الوالدين، ولذلك سمي العم أبا في قوله تعالى:وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } [البقرة: 133] أو لأنه اكتفى عن ذكرهما بذكر أبناء الإخوة، وأبناء الأخوات. فإن مناط عدم لزوم الاحتجاب بينهن وبين الفريقين، عين ما بينهن وبين العم والخال من العمومة والخؤولة. لما أنهن عمات لأبناء الإخوة، وخالات لأبناء الأخوات. وقيل: لأنه كره ترك الاحتجاب منهما، مخافة أن يَصِفَاهُنَّ لأبنائهما.

وهو رأي عكرمة والشعبيّ. كما أخرجه الطبريّ من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة والشعبيّ أنه قال لهما: ما شأن العم والخال لم يذكرا؟ قالا: لأنهما ينعتانها لأبنائهما. وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها.

قال الشهاب: لكنه قيل عليه، إن هذه العلة، وهو احتمال أن يَصِفَا لأبنائهما وهما يجوز لهما التزوج بها، جار في النساء كلهن، ممن لم يكن أمهات محارم. فينبغي التعويل على الأول. انتهى.

والتحقيق في رده ما رواه البخاري في التفسير من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: " استأذن عليّ أفلح أخو أبي القعَيْس، بعد ما أنزل الحجاب، فقلت: لا آذن له حتى أستأذن فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلم. فإن أخاه أبا القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس. فدخل عليّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله! إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن. فأبيت أن آذن حتى أستأذنك، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: " وما منعك أن تأذني؟ عمك ". قلت: يا رسول الله! إن الرجل ليس هو أرضعني، لكن أضعتني امرأة أبي القعيس، فقال: " ائذني له فإنه عمك، تربت يمينك ".

قال عروة: فلذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب. انتهى. فبقوله صلّى الله عليه وسلم: " ائذني له فإنه عمك " مع قوله في الحديث الآخر: " العم صنو الأب " يرد على عكرمة والشعبيّ.

الثاني: قيل: أريد بقوله تعالى: { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } المسلمات، حتى لا يجوز للكتابيات الدخول على أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقيل هو عامّ في المسلمات والكتابيات. وإنما قال: { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } لأنهن من أجناسهن.

السابقالتالي
2