الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }

{ هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ } استئناف جارٍ مجرى التعليل لما قبله من الأمرين. فإن صلاته تعالى عليهم، مع عدم استحقاقهم لها وغناه عن العالمين، مما يوجب عليهم المداولة على ما يستوجبه تعالى عليهم من ذكره تعالى وتسبيحه. أفاده أبو السعود.

وقال ابن كثير: هذا تهييج إلى الذكر. أي: أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم. كقوله عز وجل:كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ * فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } [البقرة: 151-152] انتهى.

والصلاة: الرحمة والعطف. والمعنى: هو الذي يترحم عليكم ويترأف، حيث يدعوكم إلى الخير، ويأمركم بإكثار الذكر، والتوفر على الصلاة والطاعة { لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ } أي: ظلمة الكفر والمعاصي والشبهات ومساوئ العادات { إِلَى ٱلنُّورِ } أي: نور الإيمان والسنّة والطاعة ومحاسن الأخلاق { وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } أي: حيث لم يتركهم يتخبطون في عمياء الضلالة والجهالة، بل أنار لهم السبل وأوضح لهم المعالم. وذكر الملائكة تنويها بشأنهم وشأن المؤمنين، وأن للملأ الأعلى عناية وعطفا وترحما، بالاستغفار والدعاء والثناء على الجميل. كقوله تعالى:ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ } [غافر: 7-9].