الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }

{ قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ } أي: يجيركم { مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً } أي: هلاكاً أو هزيمة { أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } أي: مجيراً ولا مغيثاً يدفع عنهم الضر { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ } أي: المثبطين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهم المنافقون. قال الشهاب: و(قد) للتحقيق، أو لتقليله باعتبار متعلقه، وبالنسبة لغير معلوماته. انتهى. { وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ } أي: من ساكني المدينة { هَلُمَّ إِلَيْنَا } أي: أقبلوا إلى ما نحن فيه من الضلال والثمار { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ } أي: القتال { إِلاَّ قَلِيلاً } أي: إلا إتيانا قليلا. لأنهم يتثبطون ما أمكن لهم.

{ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي: بخلاء بالمعونة والنفقة والمودة عليكم، أو أضنّاء بكم ظاهرا، إن لم يحضر خوف { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ } أي: في أحداقهم { كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } أي: كنظره أو كدورانه { فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } أي: بالغوا فيكم بالكلام طعنا وذما. فأحرقوكم وآذوكم. وأصل (السلق) بسط العضو ومدّة للقهر. سواء كان يداً أو لسانا، ويجوز أن يشبه اللسان بالسيف على طريق الاستعارة المكنية، ويثبت له السلق وهو الضرب تخييلا { أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ } أي: على فعله { أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }.