الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً } * { وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً } * { قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ وَلَوْ دُخِلَتْ } أي: يثرب { عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا } أي: بأن دخل عليهم العدوّ من سائر جوانبها، وأخذ في النهب والسلب { ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ } أي: الرجعة إلى الكفر { لآتَوْهَا } أي: لفعلوها { وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً } أي: وما توقفوا بإعطائها إلا ريثما يكون السؤال والجواب. أي فهم لا يحافظون على الإيمان ولا يستمسكون به، مع أدنى خوف وفزع. وهذا منتهى الذم لهم. ثم ذكّرهم تعالى بما كانوا عاهدوه من قبل بقوله { وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ } أي: من قبل هذا الخوف { لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً } أي: عن الوفاء به.

{ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ } أي: لأنه لا يؤخر آجالهم ولا يطوّل أعمارهم. بل ربما كان ذلك سببا في تعجيل أخذهم غرة انتقاماً منهم. ولهذا قال: { وَإِذاً } أي: فررتم { لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي: في الدنيا بعد فراركم. أو لأنهم فقدوا بذلك حظهم الأخرويّ. فمهما متعوا في الدنيا، فإنه قليل بجانب نعيم الآخرة للصابرين.