{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ } أي: يقضي { بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقَيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } أي: فيميز الحق من الباطل، بتمييز المحق من المبطل { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } أي: يتبين لكفار مكة { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } أي: الماضية بعذاب الاستئصال { يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ } أي: منازلهم. كمنازل قوم شعيب وهود وصالح ولوط عليهم السلام. فلا يرون فيها أحداً ممن كان يعمرها ويسكنها. ذهبوا كأن لم يَغنوا فيها. كما قال:{ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوۤاْ } [النمل: 52] { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي: فيما فعلنا بهم { لآيَاتٍ } أي: عبراً ومواعظ ودلائل متناظرة { أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } أي: أخبار من تقدم، كيف صار أمرهم بسبب تكذيبهم الرسل، وبغيهم الفساد في الأرض، فيحملهم ذلك على الإيمان.
{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ } وهي التي جزر نباتها، أي: قطع { فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ } يعني العشب والثمار والبقول { أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } أي: فيستدلون به على كمال قدرته ووجوب انفراده بالإلهية. وهذا كآية{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } [عبس: 24-25] الآية.