الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ } أي: إن الخصلة من الإساءة أو الإحسان، إن تك مثلا في الصغر كحبة الخردل { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: فتكن مع كونها في أقصى غايات الصغر، في أخفى مكان وأحرزه، كجوف الصخرة. أو حيث كانت في العلم العلويّ أو السفليّ { يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ } أي: يحضرها ويحاسب عليها { إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ } أي: ينفذ علمه وقدرته في كل شيء { خَبِيرٌ } أي: يعلم كنه الأشياء، فلا يعسر عليه. والآية هذه كقوله تعالى:وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } [الأنبياء: 47] الآية، وقوله:فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 7-8].

لطيفة

قوله تعالى: { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ }... الآية، من البديع الذي يسمى التتميم. فإنه تمم خفاءها في نفسها بخفاء مكانها من الصخرة. وهو من وادي قولها: (كأنه علم في رأسه نار).

{ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } أي: بحدودها وفروضها وأوقاتها، لتكميل نفسك بعبادة ربك { وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } لتكميل غيرك { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ } أي: من المحن والبلايا. أو فيما أمرت به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الداعي إلى الحق معرّض لإيصال الأذى إليه. وهو أظهر. ويطابقه آية:وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } [العصر: 3] { إِنَّ ذَلِكَ } إشارة إلى الصبر. أو إلى كل ما أمر به { مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أي: مما عزمه الله من الأمور. أي: قطعه قطع إيجاب.