الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا } أي: في إشراك ما لا تعلمه مستحقا للعبادة، تقليداً لهما.

وقال الزمخشري: أراد بنفي العلم به نفيه، أي: لا تشرك بي ما ليس بشيء، يريد الأصنام. كقوله:مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } [العنكبوت: 42].

قال في (الكشف): ليس هذا من قبيل نفي العلم لنفى وجوده، كما مر في القصص. وإلا لقال ما ليس بموجود. بل أراد أنه بولغ في نفيه حتى جعل كلا شيء. ثم بولغ في سلك المجهول المطلق.

قال الشهاب: وهذا تقرير حسن، فيه مبالغة عظيمة { وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً } أي: صحابا معروفا يرتضيه الشرع، ويقتضيه الكرم.

قال السيوطيّ في (الإكليل): في الآية أن الوالد لا يطاع في الكفر، ومع ذلك يصحب معروفا { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } أي: بالتوحيد والإخلاص في الطاعات، وعمل الصالحات { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } كناية عن الجزاء، كما تقدم نظائره.

قال القاضي: والآيتان: يعني:وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ } [لقمان: 14] إلى قوله - { تَعْمَلُونَ } معترضتان في تضاعيف وصية لقمان، تأكيدا لما فيها من النهي عن الشرك. كأنه قال: وقد وصينا بمثل ما وصى به، وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك. فإنهما، مع أنهما تلو البارئ تعالى في استحقاق التعظيم والطاعة، لا يجوز أن يطاعا في الإشراك. فما ظنك بغيرهما؟ انتهى.

ثم بين تعالى بقية وصايا لقمان، بقوله سبحانه: { يٰبُنَيَّ... }.