الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } * { فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ } إما سائراً وواقفاً، مطبقاً وغير مطبق، من جانب دون جانب، إلى غير ذلك { وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } أي: قطعاً تارة أخرى { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ } أي: المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } أي: المطر { مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } أي: لآيسين. قال الزمخشري: من قبله، من باب التكرير والتوكيد، كقوله تعالى:فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا } [الحشر: 17] معنى التوكيد فيه، الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد، فاستحكم يأسهم وتمادى إبلاسهم. فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك. انتهى.

وعكسه ابن عطية رحمه الله فقال: إنه يدل على سرعة تقلب القلوب البشرية من الإبلاس إلى الاستبشار.

قال الشهاب: وما ذكره ابن عطية أقرب. لأن المتبادر من القبلية الاتصال. وتأكيده دال على شدة اتصاله { فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ } أي: أثر الغيث من النبات والأشجار والحبوب والثمار { كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ } أي: العظيم الشأن الذي ذكر بعض شؤونه { لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.