{ وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ } أي: شدة { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } أي: راجعين إليه وحده دون شركائهم { ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً } أي: خلاصاً من تلك الشدة { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } أي: بالسبب الذي آتيناهم الرحمة من أجله، وهو الإنابة. واللام للعاقبة. وقيل: للأمر التهديديّ كقوله تعالى: { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي: عاقبة تمتعكم ووباله { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً } أي: حجة واضحة قاهرة { فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } أي: تكلم دلالة. كما في قوله تعالى:{ هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ } [الجاثية: 29] { بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } أي: بإشراكهم. وهذا أستفهام إنكار، أي: لم يكن شيء من ذلك. { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } أي: نعمةً من صحة وسعة { فَرِحُواْ بِهَا } أي: بطراً وفخراً، لا حمداً وشكراً { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } أي: شدة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي: من المعاصي والآثام { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } أي: ييأسون من روح الله. قال: هذا إنكار على الإنسان من حيث هو، إلا من عصمه الله تعالى ووفقه. فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر، وقال:{ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } [هود: 10] أي: يفرح في نفسه، يفخر على غيره، وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل بعد ذلك خير بالكلية. قال الله تعالى:{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [هود: 11] أي: صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء. كما ثبت في الصحيح: " عجبا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له ".