الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤأَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ }

{ أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ } أي: قلبوها للزراعة واستخراج المعادن وغيرهما، مما كانوا أرقى فيه من أهل مكة { وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } أي: بالأبنية المشيدة. والصناعات الفريدة، ووفرة العدد والعُدد، وتنظيم الجيوش, والتزيّن بزخارف أعجبوا بها، واستطالوا بأبهتها، ففسدت ملكاتهم، وطغت شهواتهم، حتى اقتضت حكمته تعالى إنذارهم بأنبيائهم، كما قال: { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي: الآيات الواضحات على حقيقة ما يدعونهم إليه { فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } أي: فكذبوهم فأهلكهم. فما كان الله ليهلكهم من غير جرم منهم { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ } أي: عملوا السيئات { ٱلسُّوۤأَىٰ } أي: العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة، وهي جهنم. و { ٱلسُّوۤأَىٰ } تأنيث (الأسوأ)، وهو الأقبح. كما أن (الحسنى) تأنيث (الأحسن) ثم علل سوء عاقبتهم بقوله تعالى: { أَن } أي: لأن { كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ * ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ } أي: ينشئهم { ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي: بعد الموت بالبعث { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: إلى موقف الحساب والجزاء { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } أي: يسكتون متحيرين يائسين. يقال (أبلس) إذا سكت وانقطعت حجته.