الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } استبعاد لأن يرشدهم الله للصواب ويوفقهم. فإن الحائد عن الحق، بعد ما وضح له، منهمك في الضلال، بعيد عن الرشاد. وقيل: نفي وإنكار له، كما قال تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } [النساء: 168-169]. والمعنيُّ بهذه الآية إما أهل الكتاب والمراد كفرهم بالرسول صلى الله عليه وسلم حين جاءهم بعد إيمانهم به قبل مجيئه، إذ رأوه في كتبهم وكانوا يستفتحون به على المشركين. وبعد شهادتهم بحقية رسالته لكونهم عرفوه كما يعرفون أبناءهم. وجاءهم البينات على صدقه التي آمنوا لمثلها ولما دونها بموسى وعيسى عليهما السلام. فظلموا بحقه الثابت ببيناته وتصديقه الكتب السماوية. وإما المعنيُّ بالآية من ارتدّ بعد إيمانه على ما روي في ذلك كما سنذكره.

ثم بين تعالى الوعيد على كلّ بقوله:

{ أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ... }.