الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }

{ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } اعلم أن { بَلَىٰ } إما لإثبات ما نفوه من السبيل عليهم في الأميين، أي: بلى عليهم سبيل، فالوقف حينئذ على { بَلَىٰ } وقف التمام، وقوله: { مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ } جملة مقررة للجملة التي سدت { بَلَىٰ } مسدّها؛ وإما لابتداء جملة بلا ملاحظة كونها جوابا للنفي السابق، فإن كلمة { بَلَىٰ } قد تذكر ابتداء لكلام آخر يذكر بعدها - كما نقله الرازيّ - وهذا هو الذي أرتضيه. وإن اقتصر الكشاف ومقلدوه على الأول. وقد ذكروا في (نعم) أنها تأتي لتوكيد إذا وقعت صدرا. نحو: نعم هذه أطلالهم، فلتكن (بلى) كذلك، فإنهما أخوان، وإن تخالفا في صور، وعلى هذا فلا يحسن الوقف على (بلى). والضمير في { بِعَهْدِهِ } إما لاسم الله في قوله:وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ } [آل عمران: 75] على معنى: إن كل من أوفى بعهد الله واتقاه في ترك الخيانة والغدر فإن الله يحبه. وإما لـ { مَنْ أَوْفَىٰ } على أن كل من أوفى بما عاهد عليه واتقاه فإنه يحبه.

قال الزمخشريّ: فإن قلت فهذا عام. يخيل أنه ولو وفي أهل الكتاب بعهودهم وتركوا الخيانة لكسبوا محبة الله. قلت: أجل. لأنهم إذا وفوا بالعهود، وفوا أول شيء بالعهد الأعظم وهو ما أخذ عليهم في كتابهم من الإيمان برسولٍ مصدق لما معهم، ولو اتقوا الله في ترك الخيانة لاتقوه في ترك الكذب وتحريف كلمه - انتهى.