الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ }

{ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } كلام مستأنف، وقصة مستقلة، سيقت في تضاعيف حكاية مريم، لما بينهما من قوة الارتباط، وشدة الاشتباك، مع ما في إيرادها من تقرير ما سيقت له حكايتها من بيان اصطفاء آل عمران. فإن فضائل بعض الأقرباء أدلة على فضائل الآخرين. و { هُنَا } ظرف مكان، أي: في ذلك المكان، حيث هو عند مريم في المحراب، أو ظرف زمان أي: في ذلك الوقت، إذ يستعار (هنا وثمت وحيث) للزمان، { دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } لما رأى كرامة مريم على الله ومنزلتها منه تعالى رغب في أن يكون له من زوجته ولد مثل ولد أختها في النجابة والكرامة على الله تعالى. وإن كانت عاقراً عجوزاً - كذا في أبي السعود - والذرية هنا الولد، قال الزمخشريّ: تقع على الواحد والجمع، وقد سبق الكلام عليها قريباً عند قوله تعالى:ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } [آل عمران: 34] قوله: { طَيِّبَةً } بمعنى مطيعة لك، لأن ذلك طلبة أهل الخصوص كما سبق إيضاحه في آيةرَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ... } [آل عمران: 35] الخ. وقوله تعالى: { إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } أي: مجيبه.

وقد أجابه الحق تعالى، فأرسل إليه الملائكة مبشرة، كما قال تعالى:

{ فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ... }.