الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

{ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ } في حيز النصب على المفعولية، بفعل مقدر على طريقة الاستئناف لتقرير اصطفاء آل عمران، وبيان كيفيته. أي: اذكر لهم وقت قولها الخ. وامرأة عمران هذه هي أم مريم عليها السلام.

فائدة

قال العلامة النوويّ في (غيث النفع): (امرأت عمران) رسمت بالتاء، وكل ما في كتاب الله جل ذكره من لفظ (امرأة) فبالهاء. سبعة مواضع، هذا الأول، والثاني والثالث بيوسف (امرأت العزيز تراود) (امرأت العزيز الآن) والرابع بالقصص (امرأت فرعون)، والخامس والسادس والسابع بالتحريم (امرأت نوح وامرأت لوط وامرأت فرعون) فلو وقف عليها، فالمكيّ والنحويان يقفون بالهاء، والباقون بالتاء - انتهى.

{ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً } أي: مخلصاً للعبادة عن الشعبيّ أو خادماً يخدم في متعبداتك. حرره جعله نذيراً في خدمة المعبد ما عاش، لا يسعه تركه في دينه عن الزجاج. وفي الآية دلالة على صحة نذر الأم بولدها، وأن للأم الانتفاع بالولد الصغير لمنافع نفسها، لذلك جعلته للغير. والمعنى: نذرته وقفاً على طاعتك، لا أشغله بشيء من أموري. قال أبو منصور في (التأويلات): جعلت ما في بطنها لله خالصاً لم تطلب منه الاستئناس به ولا ما يطمع الناس من أولادهم، وذلك من الصفوة التي ذكر الله عز وجل. وهكذا الواجب على كل أحد إذا طلب ولداً أن يطلب للوجه الذي طلبت امرأة عمران وزكريا حيث قال:رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } [آل عمران: 38] وما سأل إبراهيمرَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [الصافات: 100] وكقوله:وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } [الفرقان: 74] هكذا الواجب أن يطلب الولد، لا ما يطلبون من الاستئناس والاستنصار والاستعانة بأمر المعاش بهم - انتهى.

{ فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } أي: تقبل مني قرباني وما جعلت لك خالصاً، والتقبل أخذ الشيء على وجه الرضا.