الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }

{ لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } بيان لكمال حسن حال المؤمنين, غِبّ بيان وتكرير له, إثر تقرير مع زيادة خلودهم في الجنات ليتم بذلك سرورهم, ويزداد تبجحهم, ويتكامل به سوء حال الكفرة. (والنزل بضمتين, وضم فسكون) المنزل وما هيئ للنزيل أن ينزل عليه { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } أي: مما يتقلب فيه الفجار من المتاع القليل الزائل. والتعبير عنهم بـ (الأبرار) للإشعار بأن الصفات المعدودة من أعمال البرّ, كما أنها من قبيل التقوى.

روى الشيخان - واللفظ للبخاريّ - عن عمر بن الخطاب قال: " جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا هو في مشربة, وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء, وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف, وعند رجليه قرظ مصبور, وعند رأسه أهب معلقة, فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت! فقال: " ما يبكيك؟ " قلت: يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هم فيه, وأنت رسول الله! فقال: " أما ترضى أن تكون لهم الدنيا, ولنا الآخرة "؟ ".

وروى ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما من نفس برة ولا فاجرة, إلا الموت خير لها، لئن كان برَاً, لقد قال الله تعالى: { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } وقرأ:وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [آل عمران: 178].

وروى ابن جرير عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقول: ما من مؤمن إلا والموت خير له, وما من كافر إلا والموت خير له, ومن لم يصدقني فإن الله يقول: { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } ويقول:وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ... } [آل عمران: 178]الآية.

وأخرج نحوه رزين عن ابن عباس.