الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

{ لَتُبْلَوُنَّ } أي: لتختبرن { فِيۤ أَمْوَالِكُمْ } بما يصيبها من الآفات { وَأَنْفُسِكُمْ } بالقتل والأسر والجراح وما يرد عليها من أصناف المتاعب والمخاوف والشدائد، وهذا كقوله تعالى:وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ... } [البقرة: 155-156]، إلى آخر الآيتين أي لا بد أن يبتلى المؤمن في شيء من ماله أو نفسه أو ولده. أو أهله. وفي الحديث: " يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة، زيد في البلاء " { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً } بالقول والفعل { وَإِن تَصْبِرُواْ } على ذلك { وَتَتَّقُواْ } أي: مخالفة أمره تعالى { فَإِنَّ ذٰلِكَ } أي: الصبر والتقوى { مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أي: من معزومات الأمور التي يتنافس فيها المتنافسون، أي: مما يجب أن يعزم عليه كل أحد، لما فيه من كمال المزية والشرف. أو مما عزم الله تعالى عليه وأمر به وبالغ فيه. يعني: أن ذلك عزمة من عزمات الله تعالى، لا بد أن تصبروا وتتقوا. وفي إبراز الأمر بالصبر والتقوى في صورة الشرطية، من إظهار كمال اللطف بالعبادة، ما لا يخفى - أفاده أبو السعود.

قال بعض المفسرين: ثمرة الآية وجوب الصبر. وأن الجهاد لا يسقط مع سماع ما يؤذى.