الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ }

{ وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ } على أي: وجه كان حسب القضاء السابق { لإِلَى ٱلله } أي: الذي هو متوفيكم لا غيره { تُحْشَرُونَ } فيجزيكم بأعمالكم.

لطائف

الأولى: أطال نحاة المفسرين في قوله تعالى:وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ } [آل عمران: 156] الخ. من الوجوه النحوية في إذا هنا، وإنه ربما يتبادر أن الموقع لـ (إذ) لا لها حيث إن متعلقها وهو قالوا ماض. و { إِذَا } ظرف لما يستقبل. فمن قائل بأن إذا لحكاية الحال الماضية، ومن قائل بأنها للاستمرار. وقيل: إن كفروا و قالوا مراد بهما المستقبل. وفي كلٍّ مناقشات وتعسفات. والحق أنها تكون للمضيّ أيضاً. قال المجد الفيروزباديّ: وتجيء إذا للماضي كقوله تعالى:وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا... } [الجمعة: 11]. فلا إشكال.

ونقل الرازيّ عن قطرب: إن كلمة (إذ) و(إذا) يجوز إقامة كل واحدة منهما مقام الأخرى. قال الرازيّ: وهذا الذي قال قطرب كلام حسن، وذلك لأنا إذا جوزنا إثبات اللغة بشعر مجهول منقول عن قائل مجهول. فَلأَن يجوز إثباتها بالقرآن العظيم أولى. ثم قال: وكثيرا أرى النحويين يتحيرون في تقرير الألفاظ الواردة في القرآن. فإذا استشهدوا في تقريره ببيت مجهول فرحوا به، وأنا شديد التعجب منهم. فإنهم إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقه دليلا على صحته، فلأن يجعلوا ورود القرآن به دليلا على صحته كان أولى. انتهى.

الثانية: المجهول على ضم الميم في قوله تعالى:أَوْ مُتُّمْ } [آل عمران: 157]. وهو الأصل لأن الفعل منه يموت. ويقرأ بالكسر وهو لغة طائية. يقال مات يمات مثل خاف يخاف فكما تقول خفت تقول: مِت.

الثالثة: قدم القتل على الموت في الأولى لأنه أكثر ثواباً وأعظم عند الله. فترتيبُ المغفرة والرحمة عليه أقوى. وقدم الموت في الثانية لأنه أكثر. وهما مستويان في الحشر.