الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً } هذا نهي عن الربا مع التوبيخ بما كانوا عليه في الجاهلية من تضعيفه، كان الرجل منهم إذا بلغ الدَّيْنُ محله يقول: إما أن تقضى حقي أو تربي وأزيد في الأجل. وفي ندائهم باسم الإيمان إشعار بأن من مقتضى الإيمان وتصديقه ترك الربا. وقد تقدم في البقرة من المبالغة في النهي عنه ما يروع من له أدنى تقوى. ويوجب، لمن لم يتركه وما يقاربه، الضمان بالخذلان في كل زمان:فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة: 279].أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [البقرة: 86]. وقوله: { أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً } أي: زيادات متكررة، وليست لتقييد النهي به، لما هو معلوم من تحريمه على كل حال، بل لمراعاة عادتهم كما بيّنا. ومحله النصب على الحالية من الربا. وقرئ " مضعفة " { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فيما تنهون عنه { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } بإيفاء حقوقكم وصونكم عن أعدائكم، كما صنتم حقوق الأشياء. ومما يعلم به حكمة هذه الآية نظم في سلك قصة أحد، ما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن عمرو بن أُقَيْشٍ رضي الله عنه كان له رباً في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أُحُد، فقال: أين بنو عمي؟ قالوا بأُحد. قال: أين فلان؟ قالوا: بأحُد. قال: فأين فلان؟ قالوا: بأُحد. فلبس لأمَتَهُ، وركب فرسه، ثم توجه. قِبَلَهُم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو! قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحاً، فجاءه سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال لأخته: سليه: حمية لقومك وغضباً لهم أم غضباً لله عز وجل؟ فقال: بل غضباً لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم. فمات، فدخل الجنة، وما صلى لله عز وجل صلاة.

قال الدينوريّ: وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط! فيسكت الناس، فيقول أبو هريرة: هو أخو بني عبد الأشهل.

وعند ابن إسحاق: فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنه لمن أهل الجنة " - هذا ملخص ما أورده البقاعي رحمه الله تعالى.