الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } * { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ }

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } أي: هذه المنفعة فتقوموا بشكرها { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } أي: في الليل { وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي: في النهار { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: نعمه الظاهرة والباطنة، والجسمانية والروحانية، باستعمالها فيما وجب من طاعته. وذلك فيما خلقت له { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } (وَنَزَعْنَا } أي: وأخرجنا { مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } أي: نبياً يشهد عليهم بما كانوا عليه. كقوله تعالى:فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } [النساء: 41] { فَقُلْنَا } أي: لكل أمة من تلك الأمم { هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } أي: على ما أنتم عليه. أحق هو أم لا؟ فعجزوا عن آخرهم. وظهر برهان النبيّ، كما قال تعالى: { فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ } أي: في الألوهية، لا يشاركه فيها أحد { وَضَلَّ عَنْهُمْ } أي: غاب عنهم غيبة الضائع { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي: من الباطل والمذاهب المختلفة، والطرق المتشعبة المتفرقة.

{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ } أي: من شاكلتهم في الكفر والطغيان. وقوم موسى، جماعته الذين أرسل إليهم، وهم القبط وطاغيتهم فرعون { فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } أي: بالكبر والاستطالة عليهم لما غلب عليه الحرص ومحبة الدنيا، لغروره وتعززه برؤية زينة نفسه { وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ } أي: من الأموال المدخرة { مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ } أي: مفاتيح صناديقه. على حذف مضاف. أو الإضافة لأدنى ملابسة. وقيل: خزائنه { لَتَنُوءُ } أي: تثقيل { بِٱلْعُصْبَةِ } أي: الجماعة الكثيرة من الرجال أو البغال { أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ } أي: بزخارف الدنيا فرحاً يشغلك عن الشكر فيها والقيام بحقها { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } أي: هذا الفرح، لما فيه من إيثارها عن الآخرة، والرضا بها عنها، والإخلاد إليها. وذلك أصل كل شر ومبعث كل فساد.