الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } * { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ }

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } أي: فريق مؤمن وفريق كافر. يختصمون خصومة لا يرجع فيها المبطل إلى الحق بعد ما تبين له. كقوله تعالى:قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [الأعراف: 75-76] { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } أي: بالعقوبة السيئة قبل التوبة الحسنة. أي: لم تدعون بحضور العقوبة ولا تطلبون من الله رحمته بالإيمان { لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا } أي: تطيرنا أي: تشاءمنا { بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } أي: من المؤمنين. وقد كانوا، لشقائهم، إذا أصيبوا بسوء قالوا: هذا من قبل صالح وصحبه { قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ } أي: سبيلكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عن الله. وهو قدره وقسمته، إن شاء رزقكم وإن شاء حرمكم. قاله الزمخشري.

قال الشهاب: لما كان المسافر من العرب إذا خرج مرّ به طائر سانحا، وهو ما وليه بميسرته، أو بارحاً وهو ما وليه بميمنته - تيمنوا بالأول وتشاءموا بالثاني. ونسبوا الخير والشر إلى الطائر. ثم استعير لما كان سببهما من قدر الله وقسمته. أو من عمل العبد الذي هو سبب الرحمة والنقمة. ومنه (طائر الله، لا طائرك) { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } أي: مفتونون بضلالكم وكفركم. لا ترون حسناً إلا ما يوافق هواكم، ولا شؤماً إلا يخالفه.

ثم أخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤسائهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر، وتكذيب صالح عليه السلام، وما آل بهم الأمر، بقوله سبحانه:

{ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ... }.