الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ }

{ رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً } أي: حكمة، أو حكماً بين الناس بالحق، أو نبوة، لأن النبي ذو حكم وحكمة. { وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } أي: وفقني لأنتظم في سلكهم، لأكون من الذين جعلتهم سبباً لصلاح العالم وكمال الخلق. { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } أي: ذكراً جميلاً بعدي، أذكر به ويُقتدى بي في الخير كما قال تعالى:وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [الصافات: 108-110].

قال القتبيّ: وضع اللسان موضع القول على الاستعارة، لأن القول يكون به، وقد تكني العرب به عن الكلمة. وعليها حمل قول الأعشى:
إِنِّي أَتَتنِي لسانٌ لا أُسَرُّ بها   من عُلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سَخَرُ
وجوّز أن يكون المعنى: واجعل لي صادقاً من ذريتي، يجدّد أصل ديني ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه من التوحيد. وهو النبيّ صلى الله عليه وسلم. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: " أنا دعوة أبي إبراهيم " ، فالكلام بتقدير مضاف. أي: صاحب لسان صدق. أو مجاز بإطلاق الجزء على الكل، لأن الدعوة باللسان.