الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

{ فَكَذَّبُوهُ } أي: فاستمروا على تكذيبه ولم يتوبوا { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي: لحلول العقاب فيهم، من جنس ما سألوه من إسقاط السماء قِطعاً عليهم. فقد أظلتهم سحابة أطبقت عليهم، وأظلمت الجوّ فوقهم، وغشيهم العذاب وأحاط بهم. و(الظلة) بالضم لغةً، الغاشية، وما أطبق وستر من فوق.

قال الحافظ ابن كثير: ذكر تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن. كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق. ففي (الأعراف) ذكر أنهمفَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [الأعراف: 91] وذلك لأنهم قالوا:لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } [الأعراف: 88] فأرجفوا نبيّ الله ومن اتبعهفَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } [الأعراف: 91] وفي سورة هود قال:وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } [هود: 94] ذلك لأنهم استهزؤوا بنبي الله في قولهم:أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } [هود: 87] قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء. فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال:وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } [هود: 94]، وههنا قالوا:فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ... } [الشعراء: 187] الآية، على وجه التعنت والعناد. فناسب أن يحقق عليهم ما استعبدوا وقوعه { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ }. انتهى.