الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

{ أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى المتصفين بما ذكر. خبر لـ (عباد الرحمن) أو مبتدأ خبره { يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ } أي: على مشاق المجاهدات في الدعوة إلى الخيرات، والدأب على الخيرات، واجتناب المحظورات. و { ٱلْغُرْفَةَ } الدرجة العليا من المنازل في الجنة { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } أي: تحييهم الملائكة وتسلم عليهم. أو يحيّي بعضهم بعضاً ويسلم عليه. والقصد أنهم يلقون فيها التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } لسلامة أهلها عن الآفات، وخلودهم أبد الآباد.

{ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } أي: لا يبالي بكم ولا يبقيكم إلا إذا عبدتموه وآمنتم به وحده. فالدعاء بمعنى العبادة، كما مر.

ثم أشار إلى أنه كيف يمكن العبء بهم، أو يتصور، وقد وجد منهم ما ينافيه، بقوله تعالى: { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } أي: بما جاءكم من الحق. أي: وقد تلى عليكم سنة من كذب وأصر { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } (اللزام) مصدر مؤول باسم الفاعل أتى به للمبالغة. أي: فسوف يكون هذا النبأ أو الذكر الحكيم، أو الأمر الجليل، أمر الرسالة، لازماً وثابتاً. يفتح من الحق رتاجاً. وتدخل الناس في دين الله أفواجاً. ولقد صدق الله وعده. ونصر عبده وأعز جنده. وهزم الأحزاب وحده. نسأله تعالى خير ما عنده.