الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً }

{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً } أي: هينين. أو مشياً هيناً. أي: بسكينة وتواضع، لا يضربون بأقدامهم، ولا يخفقون تبعاً لهم أشراً وبطراً. { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } أي: إذا خاطبهم السفهاء بالقول السيء لم يقابلوهم بمثله، بل قالوا كلاماً فيه سلام من الإيذاء والإثم. سواء كان بصيغة السلام كقولهم (سلام عليكم)، أو غيرها مما فيه لطف في القول أو عفو أو صفح. وكظم للغيظ. دفعاً بالتي هي أحسن { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } أي: يكون لهم في الليل فضل صلاة وإنابة، كما قال تعالى:كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات: 17-18] وقوله:تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } [السجدة: 16] الآية وقوله:أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9] و(البيتوتة) لغةً، الدخول في الليل. يقال: بات يفعل كذا يبيت ويبات، إذا فعله ليلاً. وقد تستعار البيتوتة للسكينونة مطلقاً. إلا أن الحقيقة أولى، لكثرة ما ورد في معناها مما تلونا. ولذلك قال السلف: في الآية مدح قيام الليل والثناء على أهله.

وفي قوله: { لِرَبِّهِمْ } إشارة إلى الإخلاص في أدائها وابتغاء وجهه الكريم. لما أن ذلك هو الذي يستتبع أثرها من العمل الصالح وفعل الخير وحفظ حدود الله و(قياماً) جمع قائم أو مصدر أجري مجراه.