الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً } أي: بجعل الصدق إفكاً، والبريء عن الإعانة معيناً { وَزُوراً } أي: باطلا لا مصداق له، يعلمون من أنفسهم أنه باطل وبهتان { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا } أي: ما سطروه , كتبها لنفسه وأخذها { فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } أي: تلقى عليه ليحفظها { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي: دائماً.

قال ابن كثير: وهذا الكلام، لسخافته وكذبه وبهته منهم، يعلم كل أحد بطلانه. فإنه قد علم بالضرورة: أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن يعاني شيئاً من الكتابة، لا في أول عمره ولا في آخره. وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده، إلى أن بعثه الله نحواً من أربعين سنة، وهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقه وبره ونزاهته وأمانته. وبعده عن الكذب والفجور وسائر الأخلاق الردية، حتى إنهم كانوا يسمونه في صغره، وإلى أن بعث با(الأمين) لما يعلمون من صدقه وبره. فلما أكرمه الله بما أكرمه به، نصبوا له العداوة، ورموه بهذه الأقوال، التي يعلم كل عاقل براءته منها. وحاروا بما يقذفونه به، فتارة من إفكهم يقولون: ساحر. وتارة يقولون: شاعر. وتارة يقولون: مجنون. وتارة يقولون. كذاب، قال الله تعالى:ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } [الإسراء: 48 والفرقان: 9]. وقال تعالى في جواب ما افتروه هنا.