الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }

{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }.

يحمد تعالى نفسه الكريمة ويثني عليها، لما أنزله من الفرقان، كما قال:ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } [الكهف: 1-2].

قال الزمخشري: (البركة) كثرة الخير وزيادته. ومنها { تَبَارَكَ ٱلَّذِي } وفيه معنيان: تَزَايَدَ خيره وتكاثر أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه، في صفاته وأفعاله. و { ٱلْفُرْقَانَ } مصدر فرق بين الشيئين، إذا فصل بينهما. وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل. أو لأنه لم ينزل جملة واحدة، ولكن مفروقاً مفصلا بعضه عن بعض في الإنزال.

ألا ترى إلى قوله:وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } [الإسراء: 106]، انتهى.

قال الناصر: والأظهر هاهنا هو المعنى الثاني. لأنه في أثناء السورة بعد آياتوَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } [الفرقان: 32] قال الله تعالى: { كَذَلِكَ } أي: أنزلناه مفرقاً كذلكلِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } [الفرقان: 32] فيكون وصفه بالفرقان في أول السورة - والله أعلم - كالمقدمة والتوطئة لما يأتي بعد. انتهى.

قال أبو السعود: وإيراده عليه الصلاة والسلام بذلك العنوان، لتشريفه والإيذان بكونه في أقصى مراتب العبودية، والتنبيه على أن الرسول لا يكون إلا عبداً للمرسل؛ ردّاً على النصارى، والكناية في { لِيَكُونَ } للعبد أو للفرقان. و(النذير) صفة بمعنى منذر، أو مصدر بمعنى الإنذار، كالنكر مبالغة.