الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }

{ وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ } أي: الدنيوي وهو الرجم { أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } أي: فيما رماها به من الزنا { وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ } أي: الزوج { مِنَ ٱلصَّادِقِينَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ } أي: لحرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم. ولكن لرحمته ولطفه، شرع لكم من الفرج والمخرج، ما أنزله وأحكمه.

تنبيهات

الأول: قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة فيها فرج للأزواج وزيادة مخرج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة، أن يلاعنها كما أمر الله عز وجل. وهو أن يحضرها إلى الإمام فيدعي عليها بما رماها به. فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء إنه لمن الصادقين. أي فيما رماها به من الزنا. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. فإذا قال ذلك بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء. وحرمت عليه أبداً. ويعطيها مهرها. ويتوجه عليها حد الزنا. ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. أي: فيما رماها به. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

الثاني: روي في الصحيح أن ذلك وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. " وأن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت رجلاً رأى مع امرأته رجلاً، أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد قضى الله فيك وفي امرأتك ". وتلا عليه ما نزل من هذه الآية. فتلاعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

وصح أيضاً أنها قد وقعت لرجلين سميَّا. وقد اختلف شراح الصحيح في معنى ما روي من أنها نزلت فيهما معاً.

وإذا راجعت ما كتبناه في (المقدمة) في معنى سبب النزول، زال الإشكال، فارجع إليه.

الثالث: قال السيوطي في (الإكليل): هذه الآية أصل في اللعان، ففيها أن شرطه سبق قذف. وأنه إنما يكون بين الزوجين لا بين الرجل وأجنبية ولا السيد وأمته. واستدل بعمومها من قال بلعان الكفار والعبيد والخصيّ والمجبوب والمحدود في القذف والأعمى والأخرس، ومن الصغيرة التي لا تحمل والآيسة. واستدل بقوله:وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } [النور: 6] من قال: لا لعان إذا أقام البينة على زناها، وبقوله:فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ } [النور: 6] من قال: إن اللعان شهادة لا يمين. وقوله:أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ... } [النور: 6] الخ فيه أن صيغته أن يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين، أربعاً والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فاستدل به من لم يجز إبدال أشهد (بأحلف أو أقسم ونحوه) أو اللهِ (بالرحمن ونحوه) أو زاد (بعلم الله ونحوه) ومن لم يوجب زيادة (الذي لا إله إلا هو) ومن لم يجز إسقاط (إني لمن الصادقين) ولا إبدالها (بما كذبت عليها ونحوه) ولا الاكتفاء بدون أربع، خلافاً لأبي حنيفة، في اكتفائه بثلاث شهادات.

السابقالتالي
2 3