{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: يورثهم الأرض ويجعلهم فيها خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم. أو خلفاء من الذين لم يكونوا على حالهم من الإيمان والأعمال الصالحة { كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: من الأمم المؤمنة برسلها. التي أهلك الله عدوها، وأورثها أرضها وديارها. كما فعل ببني إسرائيل حين أورثهم فلسطين، بعد إهلاك الجبابرة { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ } أي: فليجعلن دينهم ثابتاً مقرراً، مرفوع اللواء، ظاهراً على غيره، قاهراً لمن ناوأه. قال أبو السعود: وفي إضافة (الدين) إليهم. وهو دين الإسلام، ثم وصفه بارتضائه لهم، تأليف لقلوبهم ومزيد ترغيب فيه، وفضل تثبيت عليه { وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي: بعد هذا الوعد الكريم الموجب لتحصيل ما تضمنه من السعادتين { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } أي: الكاملون في فسقهم. حيث كفروا تلك النعمة العظيمة. وجسروا على غمطها. تنبيه في هذه الآية من الدلالة على صحة النبوة للإخبار بالغيب على ما هو عليه قبل وقوعه - ما لا يخفى. فقد أنجز الله وعده، وأظهرهم على جزيرة العرب، وافتتحوا بعدُ بلادَ المشرق والمغرب. ومزقوا ملك الأكاسرة، وملكوا خزائنهم واستولوا على الدنيا، وصاروا إلى حال يخافهم كل من عداهم.