الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ } أي: العفائف عن الفاحشة، النقيات القلوب عنها { ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا } بالذم والحد ورد الشهادة إلا إذا تابوا { وَٱلآخِرَةِ } أي: حيث يلعنهم ثمة الملائكة ومن شاء الله { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي: يعترفون بها بإنطاق الله تعالى إياها أو بظهور آثار ما عملوه عليها. بحيث يعلم من يشاهدهم ما عملوه. وذلك بكيفية يعلمها الله. فهو استعارة. ورجع الأول لقوله:قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } [فصلت: 21] فظاهره الحقيقة، وحمله على الثاني بعيد. قيل: سيأتي في (يس)ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [يس: 65] والختم على الأفواه ينافي شهادة الألسنة. والجواب أن الختم على الأفواه معناه المنع عن التكلم بما يريده وينفعه، بحسب زعمه، اختياراً. كالإنكار والاعتذار. أو أن هذا في حال، وذلك في حال. أو كل منهما في حق قوم غير الآخرين، أو هذا في حق القَذَفَة، وذاك في حق الكفرة - وليس بشيء - إذ لا منافاة فالسر في التصريح بالألسنة هنا، وعدم ذكرها هناك، أن الآية لما كانت في حق القاذف بلسانه، وهو مطالب معه بأربعة شهداء، ذكر هنا خمسة أيضاًَ، وصرح باللسان الذي به عمله ليفضحه، جزاءًَ له من جنس فعله. كذا في (العناية).