الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ }

{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ } أي: وقت تلقي بعضكم من بعض { بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً } أي: لا تبعة له ولا عقوبة على مشيعه { وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ } أي: والحال أنه عظيم في الوزر واستجرار العذاب. قال المهايمي: لأن الجراءة على رسول الله وعلى أوليائه، تشبه الجراءة على الله تعالى.

قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى قوله { بِأَفْوَاهِكُمْ } والقول لا يكون إلا بالفم؟ قلت: معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب، فيترجم عنه اللسان. وهذا الإفك ليس إلا قولاً يجري على ألسنتكم، ويدور في أفواهكم، من غير ترجمة عن علمٍ به في القلب. كقوله تعالى:يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } [آل عمران: 167] انتهى. أي فالقيد ليس تأكيداً صرفاً، (كنظر بعينه) بل ليفيد نفيَه عما عداه. وقيل إنه توبيخ، كما تقول (قاله بملء فيه) فإن القائل ربما رمز، وربما صرح وتشدق. وقد قيل هذا في قوله:بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } [آل عمران: 118] وقيل: فائدته ألا يظن أنه كلام نفسي. فهو تأكيد لدفع المجاز. والسياق يقتضي الأول. كذا في (العناية).